Schleirmacher

من ألمع علماء الدين والفلاسفة المسيحيين في القرن التاسع عشر، يعدّ الأب الشّرعي لعلم التفسير الحديث، لنتعرف إلى شلايرماخر



حياته

ولد فريدريش دانيال إرنست شلايرماخر في مدينة فروكلوف (برسلاو) من أعمال سيليزيا المنخفضة سنة 1768 لعائلة بروتستانتية (تعرف إلى مؤسس هذه الطائفة من هنا ) درس اللاهوت في جامعة هالي وعيّن قسيسًا وراعيًا في إحدى مستشفيات برلين، المدينة التي خالط فيها أهل التيار الأدبي الرومنطيقي (ما هي الرومنطيقية؟ الجواب من هنا ) مما سبب سخط الجماعات البروتستانتية المحافظة عليه، كما أنه ساهم في ترجمة مؤلفات أفلاطون إلى الألمانيّة. عيّن استاذًا في الجامعة التي درّس فيها، حيث بقي يعلّم الأخلاقيات الفلسفية والعقائد المسيحيّة وعلم التفسير الكتابي حتى عاد إلى برلين في العام 1806 حيث ساهم في إنشاء الجامعة ودرّس كل مواد اللاهوت النظرية والعمليّة فيها
توفي في العام 1834، أمّا كتاباته، فبقيت مجهولة حتى نشرها تلميذه فريدريش لوكّه في العام 1838.


فكره


تأثر شلايرماخر بالمذهب اللوثري التقوي المناهض للتصلب العقائدي في البروتستانتية المحافظة، أي أنه كان يظن بأنه حري على المؤمن العودة إلى الينابيع المسيحيّة الأولى من خلال اندفاع القلب المستسلم للمشيئة الإلهية كما من خلال الوثوق بالذات الفرديّة.
أما تفسير النص الإنجيلي، فقد أولاه عنايةً قصوى. وبمقتضى انتمائه للبروتستانتية كان يميل إلى ربط التفكّر العقلي بالشعور الديني، فبالنسبة له،  يتحقق الشعور الدينيّ تحققًا تاريخيًّا، ولكن يعوزه شيء من الصفاء في مسرى هذه التحقق، أما الفلسفة، فهي حدس عقلي يتجلّى به الله في وعي الإنسان تجلّيًا صافيًا، ولا يمكنها أن تتحقّق تحقّقًا تاريخيًّا صرفًا لأنها تظل في مستوى الحدس المنزّه عن كل عنصر خارجيّ طارئ. واستنادًا إلى العلاقة ما بين الدين والفلسفة، يرى أنّ الدين لا يجوز له الإدعاء بأنه قادر على تجاوز الفلسفة، ولا يرضى بأن يخضع الدين للفلسفة كذلك.
كانت غاية شلايرماخر هي تحويل التفسير إلى نظريّة فنيّة في مداناة أعمال اللغة الإنسانية وصنائعها. فوظيفة التفسير بالنسبة له هي استجلاء الروابط الناشطة ما بين اللغة وطرائق التعبير الخاصة عن الحياة الفكرية الفردية. وهو بلك يتجاوز التفسير الأدبي المحض ليعنى بفهم تفاعلات الحياة الفكرية التي يختبرها الكاتب، وبفهم صياغات اللغة التي يبتكرها فكر هذا الأخير حيث يعمد إلى اللغة ليبثّ فيها عناصر رؤيته الفكريّة الجديدة

Comments