Friedrisch Nietzsche


حياته ودراسته  

 ولد فريدريش نيتشه في روشن، من أعمال لايبتزيغ، في عام 1844 لأب ارستقراطي بولوني وأم ألمانية. توفي أبوه في عام  1849، تاركًا إياه ضمن محيط أنثوي جدًا مع أمه واخته إليزالث وعمتيه.
  عندما بلغ ست سنوات من العمر، أرسل إلى مدرسة معارف، لينتقل بعدها في العام التالي إلى مؤسسة خاصة تحضيرية لليسيه، حيث بقي  لمدة ثلاث سنوات وقرر أن يصبح كاهنًا.
   في عام 1859، أصبح نيتشه تلميذًا في مدرسة شهيرة في تورنغن. كان نظام التعليم فيها رهبانيًا، يركزعلى الدراسات الكلاسيكية وعلى تعلم الانضباط الذاتي. هنالك قرأ للمؤلفين اليونان واللاتين الذين أثروا به، وتعلم العبرية والإنكليزية كما اهتم بالأدب الألماني وبالتاريخ. غير أنه لم يهتم يومًا بالرياضيات، وقد ندم لاحقًا لكون مؤهلاته العلمية غير كافية
   دخل في عام 1864 إلى جامعة بون لدراسة الفيلولوجيا واللاهوت، ثم انتقل في العام التالي إلى جامعة لايبتزيغ حيث تفرغ لدراسة الفيلولوجيا، وبدأ يهتم بالفلسفة من خلال قراءة شوبنهاور ، فأخذ عنه فكرة أن الانسان كائن تحركه الارادة، واختلف معه حول موضوع ضرورة كبح جماحها. كما تأثر بكانط.
 
في عام 1868، ربح نيتشه جائزة مباراة جامعية، بعد أن عمل على مصادر لديوجينوس لايركوس، معتبرًا أن الفيلولوجيا هي المفتاح الأوحد للفلسفة. بنى فيلسوفنا عدة صداقات في لابزيغ، وكلها أثرت في شخصيته، خاصة صداقته مع رياشارد فاغنر

أكاديميًا

  كان نيتشه لامعًا، وهذا ما جعله يتبوأ منصب استاذ الفيلولوجيا الكلاسيكية في جامعة بال سنة 1869 وهو في عمر الخامسة والعشرين، قبل أن ينهي أطروحته. بقي فريدريش في منصبه لمدة تجاوزت العشر سنوات قام خلالها بزيارات متكررة الى فاغنر وزوجته كوزيما، وقرأ لهم مسودة كتابه "ولادة التراجيديا" الذي نشره في العام التالي ولم يلاقي رواجًا أكاديميًا. تطوع للعمل كمسعف متنقل خلال الحرب الاولى بين فرنسا والمانيا، ما أمرضه فشعر بأعراض آلام الرأس ومشاكل السمع للمرة الأولى في عام 1873، وبقيت هذه الآلام مرافقة له وصبغت فكره
في فترة 1873-1876، نشر نيتشه كتابه "التأملات غير الملائمة" التي تظهر اهتمامه بإشكاليات الثقافة والتاريخ، وتقوي أواصر علاقته بفاغنر. أما على المستوى الشخصي، فقط أدى المرض وتطور الفكر الى ازدياد حالة الانعزال التي كان نيتشه يعيشها. في عام 1875 التقى بالموسيقي بيتر جاست، الذي حافظ معه على أطول فترة صداقة.
عندما نشر نيتشه كتابه "إنساني جدًّا" كان يدرك أن هذا يعني تغييرًا حاسمًا في مسار فكره مع انتقاده لشوبنهاور، أدى هذا الكتاب إلى قطيعة بينه وبين فاغنر، بدأت في عام 1876 في مناسبة في مدينة بيروت وأعلن عنها في العام التالي
اشتد المرض على نيتشه، ما أرغمه على التخلي عن منصبه الجامعي في أيار 1878، حاصلًا على تعويض مالي هزيل بالكاد يمنع البؤس عنه. بدأ حينها يتنقل مسافرًا ليجد المناخ الأكثر مناسبة لصحته وفكره، وفي 1880-1881 كتب كتابه "الفجر"، وهو امتداد لتحليلات كتاب "بشري جدا
كانت نزهته قرب سيلس ماريا في صيف 1881 دور في صوغ فلسفته، ولعل كتابه "المعرفة المرحة" خير دليل على ذلك

عاطفيًا

التقى ب لو سالومي في عام 1882، فتاة ذات فكر فذ، (هي من نشر أول كتاب عن نيتشه واصبحت صديقة لفرويد في وقت لاحق) أغرم نيتشه بسالومي، ولكن الزواج لم يتم بسبب حماقته، فقد طلب من منافسه بول ري أن يكتب رسالة الزواج عنه، وبسبب غيرة شقيقته التي خافت أن تخسره
زادت عزلة نيتشه بعد هذا الفشل العاطفي، فكتب "هكذا تكلم زرادشت"، احد اعظم كتب القرن التاسع عشر، في اثناء تجواله ما بين 1882 و 1885
تسارعت وتيرة كتابته بدءًا من عام 1886، فنشر أهم كتبه مثل "المسيح الدجال" و"أصل الأخلاق"، ما بين1886 و 1888


صحيًا

في 3 كانون الثاني 1889، قام نيتشه باحتضان حصان ضربه سائسه في تورينو ثم سقط فاقدًا الوعي. من الجدر بالذكر أنه كان قد بدأ بضعة أيام قبلها بتوقيع رسائله باسم "ديونيسوس" او "المصلوب". دخل الفيلسوف في حالة صمت، وكان يلعب الموسيقى أحيانًا. أعيد إلى بال، حيث أخذته والدته إلى عيادة نفسية فتم تشخيص شلله التام لتعيده الى المنزل وتعتني به إلى حين موتها في عام 1897. فعهدته أخته في فيمار، حتى وافته المنية في 25 آب 1900
لم يبقى الكثير من اعمال نيتشه، في الواقع، إن أكثر من نصف أعماله غير مكتملة. حاولت شقيقته نشر بعضها تحت عنوان "إرادة القوة" ولكنها في الواقع عدلت في الأفكار لتتوافق مع توجهاتها النازية.

Comments