Wolfgang Amadeus Mozart

موسيقي نمساوي غزير الانتاج، أنتج موسيقى أعادت تعريف النمط الكلاسيكي

الوضع العام

كانت أوروبا الوسطى في منتصف القرن الثامن عشر تمر بمرحلة انتقالية. وقد انقسمت بقايا الإمبراطورية الرومانية المقدسة إلى أقاليم صغيرة حكمها شبه ذاتي. ما أدى إلى تنافس بينها على الهوية. كانت القيادة السياسية للمدن الصغيرة مثل سالزبورغ وفيينا وبراغ في أيدي الأرستقراطية وكانوا يستخدمون ثرواتهم لجلب الفنانين بغرض الترفيه والالهام. كانت موسيقى عصر النهضة والباروك بدأت تتحول لتصبح متطلبة في أداءها أكثر. وستكون مدينة سالزبورغ الصغيرة مسقط رأس أحد الملحنين الموسيقيين الأكثر موهبة في كل العصور.

طفولته


فولفغانغ هو الابن الوحيد الذي بقي على قيد الحياة لليوبولد وماريا بيرتل موزارت. كان ليوبولد ملحن وعازف كمنجة ناجح، ومساعد مدير حفلات في محكمة سالزبوغ. أما والدته فكانت ابنة قادة محليين من الطبقة الوسطى. كانت أخته الوحيدة ماريا آنا (الملقبة ب "نانيرل"). تعرف فولفغانغ واخته الى الموسيقى بعمر مبكر بفضل والديهما. فقد بدأ ليوبولد يدرب ابنته على البيانو وهي بعمر السابعة، وكان وولفغانغ ابن الثالثة يقلد أخته. أظهر وولفغانغ سرعة بديهة وقدرة على التعلم دفعت والده إلى تدريبه هو أيضًا

كان ليوبولد مدرسا جعل الدروس ممتعة، مع إصراره على الأداء المثالي . فتفوق الولدان، وبذل الأب مجهودًا اضافيًا في تعليمهم. وسرعان ما أظهر وولفغانغ علامات معرفة تفوق تعاليم والده حيث أنه نظم مقطوعة موسيقية بعمر الخامسة، وأظهر مهاات رهيبة في استخدام آلة الكمان، وبعد ذلك البيانو والاورغن والفيولا


في عام 1762، أخذ ليوبولد ولديه إلى محكمة ميونخ ف ما كان ليصبح أول من عدة "جولات" أوروبية. سافر الأشقاء إلى محاكم باريس ولندن ولاهاي وزيوريخ وعزفوا التقى ولفغانغ بعدد من الموسيقيين وتعرف إلى أعمالهم. ويبقى اجتماعه مع يوهان كريستيان باخ (ابن يوهان سيباستيان باخ الأصغر) صاحب الأثر الأهم. كانت الرحلات طويلة وشاقة في كثير من الأحيان، كان عليهم السفر في ظروف بدائية جدا وانتظار الدعوات من النبلاء. كما أن الظروف الصحية اجبرتهم الى تقليل عدد الجولات الفنية

ذهب وولفغانغ البالغ من العكر 13 سنة ووالده في كانون الأول 1769 إلى أيطاليا، وترك والدته وشقيقته في المنزل. فنانيرل التي كانت قد بلغت سن الزواج، لم يعد مسموحًا لها أن تظهر موهبتها الموسيقية للعن. كانت الجولة الإيطالية هي الأطول (1769-1771) حيث أن ليوبولد أراد عرض قدرات ابنه كمؤلف وملحن لأكبر عدد ممكن من الجماهير الجديدة. أثناء وجوده في روما، سمع ولفجانج مقطوعة 
Miserere
 لغريغوريو أليغري تعزف في كابيل سيتسين . وكتب نوتاتها كاملة مستعينا بذاكرته فقط، وعاد فقط لتصحيح بعض الأخطاء الطفيفة. خلال هذا الوقت أيضا كتب ولفجانج أوبرا جديدة،
 Mitridate, re di Ponto
 لمحكمة ميلانو. واستمرت زياراته الى ايطاليا حيث كتب 2 من اوبيراته: 

(Ascano in Alba (1771) Lucio Silla (1772

حياته العملية

عاد وولفغانغ أماديوس موزارت ووالده من إقامتهما الأخيرة في إيطاليا في مارس 1773. توفي راعي والده، رئيس الأساقفة فون شراتنباخ وخلفه هيرونيموس فون كولريدو. ولدى عودتهم، عين رئيس الأساقفة الجديد موزارت الشاب كمنظم حفلات مساعد مع راتب صغير. خلال هذا الوقت، كان لديه لفرصة للعمل على العديد من الأنواع الموسيقية المختلفة. فكتب بعض ما يعتبر أعظم موسيقاه قبل أن يكون عمره 21

على الرغم من نجاحه كمؤلف، فقد سخط على وضعه بسبب محدودية وظيفته ومجتمعه. كان طموحا واعتقد انه يستطيع ان يفعل المزيد في مكان آخر. 
استمر موزارت في الشكوى من وضعه لرئيس الأساقفة إلى أن ارسله هذا الأخير في آب 1777 ليبحث عن فرص عمل أفضل. رئيس الأساقفة لن يعطي ليوبولد إذن للسفر، ترافقه آنا ماريا إلى مدن مانهايم وباريس وميونيخ.
زمع أن الرحلة أبشرت بنتائج واعدة، إلى أن مساعيه فشلت. 
بدأت امواله تنفذ، وكان عليه بيع ممتلكاته الشخصية لينفق
توفيت والدة وولفغانغ في 3 تموز 1778. 
بعد سماع خبر وفاة زوجته، تفاوض ليوبولد على منصب أفضل لابنه كعضو في المحكمة في سالزبورغ، ليعود هذا الأخير بعد فترة 
وجيزة

في عام 1779، عندما عاد إلى سالسبورغ أصدر وولفغانغ أماديوس موزارت سلسلة من الأعمال الكنسية، كما ألف أوبرا أخرى لميونيخ، Ideomeneo في 1781.

وفي مارس من ذلك العام، استدعي موزارت إلى فيينا من قبل المطران فون كولوريدو، الذي كان يحضر انضمام جوزيف الثاني إلى العرش النمساوي. استقبله رئيس الأياقفى. وكان يعامله كخادم، ويحظر عليه أن يعزف أمام الإمبراطور والا دفع ما يساوي نصف راتبه السنوي في سالزبورغ. وقد حاول الموسيقي الشاب ان يستقيل من منصبه رغم رفض الاسقف.  قرر بعدها أن يستقر في فيينا ويعمل كمؤلف وملحن مستقل. كما عاش لفترة مع أصدقاء له في منزل فريدولين فيبر.

وجد وولفغانغ أماديوس موزارت مجال عمل في فيينا، أعطى الدروس، ونظم الموسيقى، وأحيا العديد من الحفلات الموسيقية. كما بدأ كتابة الأوبرا die Entführung aus dem Serail
 (اختطاف من السرايا). في صيف عام 1781
قيل أن متتسارت أراد الزواج من ابنة فريدولين فيبر، كونستانتس، وأنه راسل والده زاعما عدم صحة الفكرة، ليطلب منه بعدها أن يبارك الزواج في كانون الأول. في حين أنه من المعروف أن ليوبولد رفض، يبقى الغير معروف هو النقاش بين الأب والابن على شكل رسائل دمرتها كونستاستس. 
مع ذلك، أشارت مراسلات لاحقة من ولفجانج إلى أنه كان يختلف مع والده كثيرًا حول هذه المسألة 
لقد أحبّ كونستانس، ووافقت والدتها على الحب. تزوج الاثنان أخيرا في 4 أغسطس 1782 بعد أن وافق ليوبولد. ورزقا ب ستة أطفال لم ينج منهما سوى اثنين
في أوائل 1783، تأثر موزارت بعمل يوهان سباستيان باخ وجورج فريديريك هاندل، ما أدى الى ميله نحو التأليف بالاسلوب الغوطي خاصة في رائعته die Zauberflöte وفي نهاية السيمهفونية رقم 41 . خلال هذا الوقت، التقى موزارت بجوزيف هايدن واصبحا صديقين. فعندما زار هايدن فيينا، قاموا أحيانا بأداء حفلات مرتجلة وقد كتب موتسارت بين 1782 و 1785 رباعيات مخصصة لهذا
الاخير

كان للاوبيرا 
die Entführung 
أثرًا في حسين وضع موتسارت الاقتصادي وويادة شهرته
فتمتع مع زوجته بحياة ترف. عاشوا في واحد من أفخم المباني السكنية في فيينا،وارسلوا ابنهم كارل توماس الى مدرسة مكلفة،وأحاطوا انفسهم بالخدم والحشم. 
في عام 1783، سافر موزارت وكونستانزالى سالزبورغ، لزيارة والده وشقيقته. 
كانت الزيارة باردة إلى حد ما. غير أنها شجعت فولفغانغ على كتابة موسيقى قداس لم يكمل منها الا جزئي كيرياليسون وغلوريا. كما أنه أصبح ماسونيا في عام 1784

الا انه كان عليه ان يختلى عن حياة الترف، ويبحث لاحقًا عن وظيفة أفضل، متنافسًا مع الملحن الايطالي ساليري الذي أشيع إلى أنه تسبب في وفاته، رغم أن لا دليل على هذا الزعم
من 1782 إلى 1785 قسم وولفغانغ أماديوس موزارت وقته بين حفلاته التي كان ينتجها بنفسه ويعزف فيا منفردًا، وبين تقديم ثلاثة إلى أربعة كونسرتو للبيانو في كل موسم.
كان استأجار
 كانت سنة 1784 فترة فولفغانغ الأكثر غزارة وانتاجية، وقد بدأ بتجميع ما ألفه على شكل كتيّبات في هذه الفترة أيضًا


في نهاية عام 1785، التقى موزارت اللوبريتي لورينزو دا بونتي، الملحن والشاعر الفينيسي و معا تعاونوا على الأوبرا زواج فيجاروالتي لاقت رواجا في عرضها الاول في فيينا وفي براغ لاحقا . أدى هذا الانتصار إلى التعاون الثاني مع دا بونتي على الأوبرا دون جيوفاني التي تصور الرجل النبيل المستضعف كما فيغارو رغم كون هذه الاخيرة كوميدية أكثر
 عين الإمبراطور جوزيف الثاني وولفغانغ أماديوس موزارت ملحن غرفة لديه في كانون الاول 1787 ، بعد أنن توفي غلوك
 كان الدوام جزئي بأجر منخفض، لكنها وظيفة لا تتطلب العمل الكثير. ولم يكن أما وولفغانغ الغارق بديونه العديد من الحلول

وضعه المادي والعاطفي

في نهاية ثمانينيات القرن التاسع عشر، بدأت حالة وولفغانغ المادية تسوء.
كانت النمسا في حالة حرب، وانخفضت قدرة الأرستقراطية على دعم الفنون
. بحلول منتصف عام 1788، انتقل موزارت بعائلته من وسط فيينا إلى ضاحية ألسرغروند، في محاولة منه لتخفيف كلفة الحياة ولكن في الواقع، ظلت نفقات أسرته مرتفعة ولم يوفر السكن الجديد سوى مساحة أكبر.
بدأ موزارت بقتراض المال من الأصدقاء، على الرغم من أنه كان دائما تقريبا قادرا على السداد فورا عندما يحيي حفلا.
خلال هذه الفترة، كتب آخر ثلاث سمفونية له، وقد سافر مرات عدة إلى مدن في محاولة لاحياء حفلات تحسن وضعه، وهذا لم يحصل، فكانت فترة 1788-1789 هي الاسوأ في حياته

تحسن وضع موتسارت بعدها، حيث أنه كتب بعض أهم أعماله كالناي السحري في الفترة ما بين 1790-1791 فقد تعهده رعاة من المجر وامستردام ووعدوه بمبالغ سنوية مقابل انتاجه الفني، ما ساعده على سداد الكثير من ديونه

ومع ذلك، فقد كانت حالته النفسية والصحية تتدهور. تعرض لوعكة في براغ في تموز 1791، حيث كان يحيي تتويج ليوبولد الثاني ملك بوهيميا. تعافى موزارت لفترة وجيزة أدى خلالها العرض الاول لمقطوعته الناي السحري في براغ، إلا ان المرض اشتد عليه في تشرين الثاني والزمه على ملازمة الفراش تخدمانه زوجته وشقيقتها

وفاته



توفي وولفغتننغ في 5 كانون الأول 1791 عن عمر 35، لسبب غير مؤكد. تم تداول العديد من الفرضيات فيما يتعلق بموت موزارت. أما جنازته، فكانت جد متواضعة، لم يحضرها سوى عدد قليل، وتم دفنه في مقبرة جماعية نظرا لوضعه المادي. 

أما زوجته، فقد تمكنت من الحصول على راتب من الامبراطور مقابل احياء العديد من الحفلات التذكارية على شرف موزارت، وباعت بعض أعمال هذا الأخير غير المنشورة قبل ذلك، ومن هذه الجهود، فتمكنت من الحصول على بعض الأمن المالي لنفسها ومن إرسال أطفالها إلى المدارس الخاصة.

Comments